• مراسيم الزواج1

    إذا كانت مواسم الحفلات بشكل عام في أيت عمار تأتي بعد انتهاء السنة الفلاحية، حيث تفرغ الأرض والناس والمواشي، ويجتمع الغائب بالحاضر، فإن التدبير لذلك قد يستغرق مدة أطول وطقوس خاصة ، خصوصا حفلات الزواج، يقول المثل الشعبي : "زواج ليلة تدبيره عام".

    يمر الزواج في أيت عمار بمراحل وطقوس  تغلب عليها العادة والموروث الشعبي:

    الخطبة : بعد أن يختار العريس عروسه فإن ذويه يقصدون أهلها وولي أمرها محملين بالهدايا ، ومن أهمها قوالب من السكر فبحلاوته وبياضه يرمز للسلام و المودة و الوئام والوفاق والمحبة ، ويتقدمون للخطبة، وحينما يتم الاتفاق بين الطرفين تتم قراءة الفاتحة، ويعطي أهل العريس بعض الدراهم لأم العروس أو أختها أو امرأة من الجوار.. فتطلق زغرودة كبيرة إعلانا عن الاتفاق وفرحة به، ويسمى ذلك ب"زْغَارِيتْ المُوزُنَة"، و قد يتم في الحال تحديد مهر العروس وقت العرس والمراسيم المصاحبة لذلك .. إذا كان  في الأمر عجلة، أو يتم  في وقت لاحق.

    الزغاريت: يعتبر الشق الأول من حفل الزفاف، ويتم بمنزل العروس، حيث يتحمل أهل العريس المؤونة على حسب قدراتهم المادية وبعض الهدايا للعروس من ملابس( قمصان شربيل..) وأدوات زينة(حناء، حَرْڮُوصْ، عطور، سواك..)  وبعض الفواكه الجافة(تمور، حمص، جوز، لوز..) تضعها  في صينية أمامها، وينطلق موكب أهل العريس بالزغاريد والغناء والأهازيج، وحين ووصوله يتم استقباله بزغرودات مدوية من طرف أم العروس وغيرها من النساء، ويعتبر العريس الغائب الأكبر بحيث أن العادة تحتم عليه عدم الحضور، وتختار العروس واحدة من صويحباتها لتجلس جانبها أثناء الحفل وتسمى وزيرتها ويشترط فيها ان لا تكون متزوجة أو سبق لها أن توزرت في حفلة مماثلة، وتنهمك الفتيات والنساء في التعبير عن فرحتهن بترديد مجموعة من الأغاني تمجد العروس، مصاحبة بدقات البندير والطعريجة، وتخترقها بين الفينة والأخرى زغرودات متعالية الصدى..أما المدعوين من الرجال فإنهم يستمعون للتلاوة الجماعية للقران الكريم من طرف الطلبة..

    وحينما يحضر الأكل فإن العادة تقتضي أن تقوم أم العريس و أم العروس  كل واحدة على حدة بأخذ المغرفة والغرف بها داخل قدرة اللحم  غرفة واحدة، فما غرف للعريس تحمله له أمه بعد انتهاء الحفل، وما غرف للعروس  يكون وجبتها مع صويحباتها، وقد تكون الغرفة محظوظة وقد تكون غير ذلك، وبعد الانتهاء من الأكل تقوم النساء بما يسمى ب " الحَنّة "أو الحناء حيث يتم طلي يدي العروس بالحناء متمنين لها الهناء والبنين، وتقوم امرأة من أهلها بعد التصلية والتسليم على خير الأنام صلى الله عليه وسلم بجمع الهدايا من المشاركات في الحفل وغالبا ما تكون نقدية، وبذلك ينتهي الحفل في انتظار حفلة العرس التي ستكون هذه المرة في منزل العريس.        

    <script type="text/javascript"></script> <script type="text/javascript"></script>


    votre commentaire
  • مراسيم الزواج2 

    Voir taille réelle

     

     

    حفلة العرس :  تتم بعد الزغاريت والمدة بينهما قد تقصر أو تطول على حسب ظروف العريسين و ذويهما، وقبلها يتم تجهيز الروس من طرف زوجها و أهله وهو ما يسمى ب"الدّْهَازْ"، ثم تبد التجهيزات على قدم وساق فتنصب الخيام، وتفرش لاستقبال المدعوين.. وغالبا ما تبنى خيمة كبيرة للرجال الكبار مع "الطُّلبة"، وأخرى تماثلها أو أصغر منها يجلس فيها العريس وغيره من الشبان، أما العروس والنساء فإنهن يكن في الدار، وقد تبنى لهن خيمة ثالثة إذا اقتضى الأمر ذلك.

    يبدأ المدعوون، مع بداية الحفل، بالتوافد تباعا، حيث يتم استقبالهم من طرف والد العريس، بكؤوس الشاي المنعنع، وأطباق العسل الممزوج بالسمن البلدي..ومثل العروس يختار العريس واحدا من أصدقائه اعزبا لم يسبق له أن توزر  ليصبح وزيره ومدبر أمره ، فيلبسان جلبابين وسلهامين أبيضين، وعمامتين صفراويين على رأسيهما، ويجلسا في الخيمة الخاصة بهما مع الشباب.

    أما العروس فإنها في تلك الأثناء تهيأ لبداية حياة جديدة، ومغادرة بيت أبوها، فتتزين وتضفر شعرها و في كل ضفيرة تضع تمرة كما تقتضي العادة، وتغطي وجهها وترتدي لباس جهازها ، ثم ينطلق موكب من دار العريس بالزغاريد والأهازيج  لمصاحبتها لبيت زوجها مرددين بعض الأغاني مثل " أوْحْنَا جينَا لاَ تْڮُولُوا مَا جينَا" و"وَحْنَا جَايِينْ آ لاَلَّة قَاصْدِينْ الدار و الدار عَالْية آ لاَلَّة عَالْية نَوَّارْ" ويخرج أهلها مستقبلين مرحبين بالزغاريد ويلتقي الجمعان وتتعالى دقات البنادير والطعاريج المشربة بزغرودات متواصلة، ثم يقدم لهم الشاي مع الحلوى وبعض الفواكه الجافة، وبعد حمل أمتعتها تخرج العروس مودعة مهد طفولتها وقد وضعوا لها في العتبة بيضة تتخطاها ثم تحملها أمها أو غيرها من أهلها لتأكلها فيما بعد مع العريس، يقودها من يدها أخوها أو ابن أخيها أو طفل من الحضور، وعليها ان لا تلتفت وراءها تطيرا من أن تعود مطلقة، ثم يركبونها بغلة أو فرسا، لكن هذه العادة انقرضت الآن لتوفر وسائل المواصلات، ينطلق الجمع كما أتى أول مرة رافعا علم العرس الذي هو عبارة عن قصبة طويلة معلق بمقدمتها قطعة من الصوف، و أحيانا قبضة من النعناع وعند وصوله يستقبل بالحفاوة والترحاب بالعروس " حَيُّوهَا حَيُّوهَا مَاهِيشِي من دَوَّارْنَا " ثم يحملها أحد الشبان ليدخلها إلى البيت، وحينها يعطونها قطعة من السكر تعلكها في فمها حتى تذوب ثم ترش بها في الداخل، أما الشاب الذي حملها فإنه يتلقى هدية رمزية(قالب من السكر مثلا) وتسمى ب"البْيَاضْ".

    يستمر الاحتفال في خيمة العريس بالأغاني تارة، والطرائف والمستملحات تارة أخرى، أما خيمة الرجال فتنطلق منها أصداء القراءة الجماعية للقران الكريم من طرف الطلبة، وبين الفينة والأخرى يتوقفون لاستجداء بعض الدراهم من المدعوين مقابل الدعاء لهم بالخير وصلاح الذرية، و بعد تقديم الوجبة الرئيسية، وغالبا ما تكون وجبة غداء، تبدأ المرحلة الأخيرة من العرس وهي إقامة"الحناء"للعريس هذه المرة، وتتم مراسيمها على الآتي :  حيث يفرش للعريس و وزيره  في الخلاء على بضعة أمتار من الخيمة وتوضع لهما وسادتين من جهاز العروس، ثم يخرجا تمسك بأجنحة سلهاميهما فتاتين، وهما يتقدمان في خطى حثيثة وحولهما المدعوين، وعبيدات الرمى يرددون أغاني خاصة بهذه المناسبة مثل:"هِي هِي هِي هِي يَا عْوَيْنَةْ البُوهَالة، هِي هِي هِي هِي لا تْشَرّْبِي مْنُ وَالاَ،هِي هِي هِي هِي لا تْشَرّْبِي غِيرْ الزِّينْ،هِي هِي هِي هِي اللِّي حوَاجْبُو مَڮْروُنِينْ " أو"  أَوْ سِيرْ أَ خُويَا وْ سِيرْ سِيرْ،أَوْ سِيرْ أمْجدُولْ لَحْرِيرْ" أو " دَادا مِّي دَادا جْدَيْعُو مَازالْ صْغِيرْ، دَادا مِّي دَادا لاَحُواْ عْلِيه الڮَرْبْوصْ، دَادا مِّي دَادا خْوَيطْ الرّْبُو يَتْرَبَّى، دَادا مِّي دَادا يَتْرَبَّى عْلى رْجْلِيَّ" أو "وَاهْيَ ڮَصْبَة مْسَلَْسَة فِي ڮَاعْ البِيرْ غَارْسَة و الرِّيحْ اللِي هَزّْهَا مَاهُو ياَ لي،واهيا بْنِيَّاتْ الهْوَى وَاشْ وْلِيدِي عَنْدْكُم؟" أو "هِي هِي هِي هِي وَ الفَرْحْ جَايْنَا تَايْدْرُجْ،هِي هِي هِي هِي حَدْرُواْ الكْفَا لاَيْخْرُجْ" وتعم الفرحة، ويبلغ صدى البنادير والطعاريج و الكفوف المناطق المجاورة، وحين الاقتراب من الفراش فإن العريس و وزيره يهرولان إليه ويجلسان بسرعة خوفا من إسقاطهما من طرف أحد من الحضور، أما الفتاتين التين كانتا تمسكا بأجنحة سلهاميهما فإنهما تقفان وراءهما كل واحدة تمسك دملجين وترن بهما على رأسيهما، تم تخلط امرأة من الحضور الحناء  وتطلي بها يدي العريس و وزيره، ويبدأ الناس بتقديم الهدايا للعريس (وهي في مجملها هدايا نقدية) يفتتحها وزيره، ويقوم اثنان من اعبيدات الرمى بتنظيم ذلك وهو ما يسمى ب" التَّبْرَاحْ" حيث يصرخ الأول بأعلى صوته:

    - هَاوْ

    فيناديه الثاني:

    - هَاوْ

    - هَاوْ اللَّي حَضْرُوا يَدَّنَّاوْا

    - إِيوْ اللَّي غَابُوا يَتْسَنَّاواْ

    - هاوْ الڮَوْدْ بالڮُود

    - هَاهِيَ مْنْ عَنْدَكْ يَا هَذَاك هَاوْه

    - إيوْ شْكُونَاهُوَ هَذَاك هَاوْه ؟

    - آوَا السِّي (مُحََّمد)

    - آوَاإِينَا السِّي (مُحََّمد)؟

    ثم يعدد الآخر نسب صاحب الهدية وحسبه ومثالبه، وعلاقة القرابة التي تربطه بالعريس أو الصداقة، فيقول:

    - زَيْنْ الغُرَامَة على(وْلدْ عَمُّو أو ولد خَالو..)

    - هَاهِيَ(ثم يحدد قيمة الهدية) مع التمبر( التمبر حلاوة يأخذها البراح)

    - آوَا يَسْتَاهَل، مَرْحْبَا وْ زِيدْ لْڮُدَّام

    وحينما تنتهي الحناء، تتفرقع في الأجواء بنادق التبوريدة، ويستمتع المدعوون بعروضها الجميلة، وبنخوة حُصُنِهَا الوديعة، أما العريس و وزيره  فإنهما يختليان في مكان يعيد عن الناس، لشم الهواء قليلا، و لمراجعة الأفكار.

    تسمى المراسيم السابق ذكرها بعملية " تْرْوَاحْ " العريس، ولا تتم إلا مرة واحدة، حيث أن المطلق لا يتم تزويجه ثانية بهذه الطريقة، أما العريس الذي لم " يَرُحْ" فيقال عنه في أيت عمار بأنه " ڮَاشُوشْ " ، وبعد العرس تقتضي العادة بان يبقى العريس  ووزيره  في الدار ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع يخرج" مُولاَيْ"(و هو العريس كما يحلو للناس تسميته) إلى بيت وزيره  حيث يعزم هناك وتعطيه أم الوزير"البياض"، أما العروس فإنها تبقى معززة مخدومة مدة ستة أيام، حيث في اليوم السادس تأتي أمها وبعض أهلها من النساء فيحنين لها، ويخضبن شعرها بالحناء.. وفي صباح اليوم السابع تبدأ بالمشاركة في أعمال البيت ، وتمكث في بيت زوجها مدة حوالي شهر أو ما يزيد، و حينما تذهب أول مرة لزيارة أهلها فإن هذه الزيارة تسمى ب" طْلُوڮْ الرَّجْلِينْ".

    <script type="text/javascript"></script> <script type="text/javascript"></script>


    votre commentaire

  • حفل الختان<o:p></o:p>

     

    <o:p>

     

    </o:p>

     

       تحتل درجة كبرى عند الناس في أيت عمار، وتأتي  في المرتبة الثالثة بعد حفل الزغاريت و العرس، وأحيانا تدمج معهما فتكون  حفلة واحدة أي زفاف وختان، لكنها في الغالب تبقى مستقلة بذاتها، وبطقوسها الخاصة بها.<o:p></o:p>

       تقتضي العادة أن تجهز أم الطفل المعني بالأمر مثل العروس من طرف زوجها، حيث يشتري لها ألبسة جديدة و "شربيل"، ولحافان(إزار)، إضافة إلى وسائل الزينة من كحل، وسواك، وحناء، وطلي، و مرآة..ويسمى هذا ب"السّْفَطْ"، أما الطفل فإنه يتم حلق بعض رأسه، أو كله، وإلباسه لباسا أبيضا أو أخضرا ، وغالبا ما يكون عبارة عن"ڧُوقِيَّة" أو " تْشَامِيرْ" ، وطربوش  ابيض  و"بَلْغَةُ" صفراء أو بيضاء. ويتم دعوة الأقارب و الجيران، و الطُّلْبَة إلى المأدبة، وتنصب خيمة أو خيمتان لاستقبال المدعوين.<o:p></o:p>

       بعد تقديم الوجبة الرئيسية يتم إقامة "الحْنَّة"حيث تتزين أم الطفل بما اشْتُرِيَ لها من لباس وزينة، واضعة على رأسها خمار من حرير يسمى" الكَنْبُوشْ " أما الطفل فإنه في تلك الأثناء يكون بين يدي "الحَجَّامْ" ( ويسمى بذلك لممارسته إضافة لحرفة الختان حرفة الحجامة) يخضع لعملية الختان.<o:p></o:p>

      تتقدم الأم بخطى حثيثة نحو الغرفة التي يتم فيها الختان و من حواليها ترتفع الزغاريد، ودقات الكفوف، والطعاريج و البنادير، و أصوات النساء تردد وراءها : "سِيري، سِيري آيا مُولاَةْ لَوْلِيدْ، آيا عَيْنِينْ لُغْزَال" و "و مَا نْخَتَّنْ وْلْدِي وْ حْتَى يْجِي خَالُو، وْ حْتَى يْجِي خَالُو، يْعْطِيْه نَاقَة بَيْضَاء،  و تْزِيدْ فِي مَالُو، و تْزِيدْ فِي مَالُو."  و "عَرْصة عَرْصَةْ الحَجَّام فِيهَا الخٌوخْ و الرُّمَّانْ "  و " وَا هْيَا حَجَّامْ رَطَّبْ يْدِيك رَاه وْلِيدِي يَا بِينْ يْدِيك " وعند الباب تجد بانتظارها قصعة أو صحن من خليط الحناء  فتغمس فيه رجلها اليمنى، ثم تخرج مرآتها وتقف واجمة تنظر وجهها إلى أن يخرج وليدها، فتضعه فوق ظهرها برفق وعناية ثم يتجه الموكب نحو خيمة الرجال مرددا : " فِينْ هِيَ خَيْمَة خَيِّ، فِينْ هِيَ نَمْشِي ليهَا، فِينْ هِيَ خَيْمَة خَيِّ، فِينْ هِيَ نَمْشِي ليهَا " فيخرج أخوها (خال الطفل)، إن وجد، فيكون أول من يهنئها و ابنها ويعطيها هديه تكون في غالب الأحيان نقدية، أو عبارة عن قالب من السكر، ثم تتابع الهدايا، ويسمى ذلك ب"البْيَاضْ" أو"الزْرُورَة"، وبعد ذلك تعود لتفرط كامل عنايتها بطفلها، ولاستقبال  التهاني والهدايا من صويحباتها، أما تلك الهدايا، أو قيمتها فهي تنفق على الطفل فيما بعد، لأنها تعتبر ماله الخاص.<o:p></o:p>

       مع الأسف الآن و في أيامنا الحاضرة  اختفت هذه الطقوس الجميلة، أو كادت،  وحل محلها مدنية زائفة نخرت أعماق ودخائل  عادات جميلة فأفرغتها من جماليتها وتركتها خاوية جوفاء.   <o:p></o:p>

     

    <script type="text/javascript"></script> <script type="text/javascript"></script>


    votre commentaire
  • عاشوراء<o:p></o:p>

     

    تعبر عن حدث استشهاد الحسين رضي الله عنه، سبط الرسول صلى الله عليه وسلم، في معركة كربلاء، بأمر من الطاغية يزيد بن معاوية، و واليه على الكوفة عبيد الله بن زياد يوم عاشر محرم الحرام سنة 61 للهجرة الموافق ل ثاني عشر أكتوبر ستمائة وثمانين ميلادية، لكن موضوعنا الآن ليس هو الحديث عن التاريخ، فقد سال ، ولا يزال، مداد كثير  حول هذه الفاجعة، إنما حديثنا سيكون حول عادات وطقوس ضلت وفية في جوهرها لتلك النازلة، لكنها اتخذت صبغة محلية، وأحيانا أسطورية.<o:p></o:p>

     تروي الأسطورة في أيت عمار، وفي المناطق المجاورة، أنه جاء رجل غريب وحيد عند شيخ القبيلة فقال له : أيها الشيخ الحكيم إني غريب وليس لدي أهل ولا خلان، وإن مت يوما فلن أجد حتى من يبكيني، أو يرثيني بمرثية، فدعا له الشيخ وقال : ستبكيك القبيلة كلها كبيرها وصغيرها، وكذلك كان.<o:p></o:p>

    تقتضي العادة  أن يؤخذ عظم فخذ الضحية أو كتفها، فيطلى بالحناء إلى أن يصبح أحمرا، وتصنع له الفتيات الصغيرات و المراهقات ملابس تليق به من سلهام، وجلباب، وقميص، و بلغة، وعمامة، و سراويل..فيصبح محط عنايتهن، و محور لعبهن، والخيط الرابط الذي يجمعهن، فهاته خالته، وتلك عمته، والأخرى أخته، فيكتسح عقول الكبار والصغار، ويصبح واحدا من القبيلة يأكل و يشرب، ويمرض، ويتعافى، وفي كل ليلة تستضيفه، أسرة من أسر القبيلة..<o:p></o:p>

     وحينما يهل هلال شهر محرم الحرام أو "عاشور" كما يسميه الناس في أيت عمار، يدخل عاشور في المرحلة الحاسمة من وجوده وهي مرض موته، فيكتسح الحزن القلوب تدريجيا، وتتلاقى أماسي الرعي واللعب بالعشيات النصف قمراء لأولى ليالي محرم مشربة بأغاني أو " دُرَّيْزَاتْ" حزينة تنعي عاشور وترثيه، وتعبر عن مدى الحزن على فراقه الذي بات وشيكا، هذا الحزن يصل حد النواح والعويل، وتزداد حدته كلما اقتربنا من يوم العاشر أو "عاشوراء"، حيث يموت عاشور فتنوح النائحات، وتبكي البواكي، ويمتزج عويل الصغار بعويل الكبار الذين يجدونها فرصة للتعبير عن همومهم وإخراج ما ضاقت به صدورهم ، وكل يبكي ليلاه كما يقال.<o:p></o:p>

     في يوم التاسع تمتلئ الأسواق  بصفة استثنائية و هو ما يسمى ب"الوزيعة" فيشتري الناس الفواكه المجففة من تمر، و حمص، و كاو كاو، و  جوز، و لوز، و تين مجفف "الشّْرِيحَة" والزبيب، و يتم أيضا شراء جرار خزفية مصغرة " قَلُّوشْ" للصغار، ويتم التصدق بقلوش أو قلوشين مملوء بالفواكه المجففة.. طمعا في أن تصل تلك الصدقة قريبا كان قد مات منذ زمن قد يطول أو يقصر.<o:p></o:p>

     في صباح اليوم العاشر تقول العادة أن ماء زمزم يزرع فيكل الآبار و العيون ومنابع الماء وذلك من الفجر إلى وقت الضحى، لذلك يقوم الناس بالاستحمام بالماء البارد، ورش الأبناء والبهائم والبيوت ومخازن الحبوب..والواقع أن جذور هذه العادة تعود إلى الديانة اليهودية التي كانت في المغرب قيل ظهور الإسلام، فالماء سبب لنجاة موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والتسليم من بطش فرعون، ويعتقد اليهود المغاربة أن الماء في هذا اليوم يصبح رمزا للخير والمباركة مما يجعلهم حسب بعض الكتابات التي تطرقت إلى تاريخهم  يحتفلون بالماء ويرشون به ممتلكاتهم وأموالهم، ويتراشق به أطفالهم، ثم بعد ذلك لبست هذه العادة لباسا إسلاميا  يتمثل في زمزم كما سبقت الإشارة إليه.<o:p></o:p>

     بعد ذلك يتم  توزيع الفواكه على الصغار والكبار وهو ما يسمى ب"التّْعَوْشِيرَة" أو "التّْفْرَاقْ"، غير أن ذلك لا يثني من عزم من يشارك في تشييع جثمان عاشور ودفنه، فيتحول الحدث إلى موكب جنائزي حقيقي.<o:p></o:p>

     في المساء تحضر أطباق الكسكس بما خُزِّنَ من قَدِّيد(لحم مجفف) من أضحية العيد وغالبا ما يكون عبارة عن ذيل الخروف أو الذِّيَالة، أم في الخلاء فقد هدأ الجو من ضربات البنادير والطعاريج والأغاني الحزينة، وحلت محله نار مضطرمة "الشُّعَّالَة"، ربما تعود أصولها إلى عادات مجوسية قديمة، أو تلميحا إلى نجاة سيدنا إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة و التسليم في مثل هذا اليوم من النار،  يتحلق حولها الكبار والصغار  حيث يعملون على شي بعض أمعاء الأضحية التي خزنت لهذا الغرض، ثم يبدؤون بالقفز فوقها مرددين"عَاجْ، عَاجْ، ماذَا عَنْدْنَا مْنْ نْعَاجْ " أي: عجي يا نار، ويكتحل الصغار من رمادها ب"المِخْيَطِ" حيث يقال أن من فعل ذلك لم يصب بالرمد طيلة العام، ولعل ذلك يلمح إلى الحديث" من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم ترمد عينه أبدا" الذي رواه الحاكم عن ابن عباس، وقد قيل أنه من الأحاديث الموضوعة، أيضا فهو اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح عليه السلام على الجودي، وتروي الإسرائيليات أن نوحا ومن معه اكتحلوا في ذلك اليوم والله أعلم.  

    مرثيات عاشور:<o:p></o:p>

    عَاشوري،عَاشوري وعْليكْ حْلَڮْت شْعوُرِي.<o:p></o:p>

    عَاشُورْ يَا بُو مْدَيْجَّة مَاتْ وخَلَّى خُدَيْجَّة.<o:p></o:p>

    عَاشوري،عَاشوري وعْليكْ حْلَڮْت شْعوُرِي  ڮدّْ الرّْتْعَة ڮدّْ الشّْكَالْ،ڮدّْ حْبَالْ الجَّرَّارَة،ڮدّْ الموت الْغَرَّارَة.<o:p></o:p>

    ڮَدِّيدَة،ڮَدِّيدَة مَرْمِيَّة عَلْ لَعْوَادْ، وَهَذَا عَاشُورْ مْشَى يْعَزِّي وْ دَّاه الوَادْ.<o:p></o:p>

    وَ انْتِي مَاتْ لِيكْ سْوَيْرَحْ، وَ انْتِي مَاتْ لِيكْ سْوَيْرَحْ، وَانَا مَاتْ لِي عَاشُورْ الزَّلاَّل، و انْتِي طَالْية لَحْنَانِي، وانْتِي طَالْية لَحْنَانِي، وَانَا مْخَلّْلَة بْخْطُوطْ القَطْرانْ.<o:p></o:p>

    مَڮْوَانِي،مَڮْوَانِي، يَا الضَّايَة وَ نْدُوزْ عْلِيكْ، وَاهْياَ وَايْلِي عاَشُورْ قَايْدِي كَانْ يْصَلِّي فِيكْ.<o:p></o:p>

    عاَشُوري يا الدَّالْية ، وْعَاشُورْ الحَلَّة كَامْلة.<o:p></o:p>

    .  عاَشُورْ آ بُوطَارْفَة وْلْدْ حْمَارتْنَا الشَّارْفَة، دَّاتُو للسُّوقْ بَاعْتُو شْراتُو حُمَّص كَالْتُو تّاكُل فِيه الرَّهجْ<o:p></o:p>

    عاشُورْ جَايْ مْنْ دُكَّالة، و رْكَابُو حَمْرَة شَعَّالَة، كِيفْ الشّْرِيفْ اللِّي لْقَاهْ تَايْبَنْدَقْ لِيه(أي يبايع له).<o:p></o:p>

    وْ مّا، وْ مّا، وْ مّا، وْ مّا،عَاشورْ بْشَى يصَيَدْ النحَلْ خَلَّى سَكِّينُو فِي الرّْحَلْ.<o:p></o:p>

    وا ضِيوَا، وا ضِيوَا، يَاضِيوَا، و الطَّارْفَة  جْدِيدَة، والخُرْبْ جْدِيدَة، وَا هْيَا قَوْمْ النّْصَارَى رُدُّوا عَاشُورْ فَيْنْ غَادِي.<o:p></o:p>

     

    <script type="text/javascript"></script> <script type="text/javascript"></script>


    votre commentaire
  •  

    صناعة الزرابي

    Voir taille réelle

    تتفنن أيت عمار، كغيرها من القرى المجاورة، في حياكة الزرابي الجميلة و المتعددة الأشكال و الألوان، وهو فن تختص به النساء وتتوارثنه جيل عن جيل، بل وتتباهين به، فامرأة لا تعرف نسج الزرابي  و تطريزها (البَوْجْ) تكون محط سخرية نظيراتها، وفي  حفلات زفافهن تجهز الفتيات  بما صنعنه  من منسوجات ، ويكون ذلك دليل على  مهارتهن  وعنوان على دقة حسهن وحسن ذوقهن.<o:p></o:p>

     وتعبر الزربية - مثل قصيدة الشاعر أو لوحة الرسام- عن محيطها الزمكاني والاجتماعي من جهة حيث نجدها  تعبر عن مجتمع زراعي-رعوي فنجد صور البقرة والشاة والدجاجة والناقة والسنبلة و الشجرة و الغصن.. حاضرة بقوة في رسومها، هذا بالإضافة إلى رسوم أخرى كالبَرَّادْ رمز الكرم وحسن الضيافة، والخنجر  و الفرس رمزا الشهامة والفروسية،  وبعض الحيوانات الأخرى التي تؤثر في الحياة بصفة عامة كالأفعى والضفدعة و الجرادة..<o:p></o:p>

    من جهة أخرى تعبر  الزربية عن دخائل المرأة النفسية، وعما يخالج صدرها من أحاسيس ومشاعر، فتناسق الألوان وانتظامها قد يرمز للربيع والخصوبة ، والميلاد المتمثل في صورة البقرة مع وليدها، ولا غرابة في ذلك  فالفتاة في بيت أبيها تحلم بيوم زفافها، وهي في  بيت زوجها يراودها حلم الميلاد .<o:p></o:p>

    مع الأسف في وقتنا الحاضر، أهمل فن الزرابي ومات هذا الإبداع النسائي أو كاد، وحل محل حصير الدوم  حصير البلاستيك، ومحل الزرابي  التقليدية المتقنة الإبداع والتعبير أغطية و أفرشة مصنعة ودخلت المدنية الجوفاء-قاتلها الله- كل البيوت  فجردتها من كل ما هو أصيل وتقليدي، وبعدما كان لا يخلو بيت من منسج(منشج) في أيت عمار، أصبحتَ تجوبٌ كل الدور  ولا تعثر ولو على واحد.<o:p></o:p>

           

     

     

    <script type="text/javascript"></script> <script type="text/javascript"></script>

    1 commentaire


    Suivre le flux RSS des articles de cette rubrique
    Suivre le flux RSS des commentaires de cette rubrique