• السيد الراس

    السَّيِّد الرَّأْس

    يروى انه كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان في إحدى البلاد ملك، وكان له سبع زوجات لكنه لم يرزق بنسل، أو ذرية ترثه وترث تاج ملكه من بعده.<o:p></o:p>

    وفي يوم من الأيام  كان احد الصيادين يصطاد السمك على شاطئ البحر، وفجأة سمع سمكة تقول لأختها : "إني أصلح لمداوات العقم ، فمن به عقم فليأخذني ويغليني في الماء، فمن أكلت من لحمي من نساءه تنجب الذكور ، ومن شربت من مائي تنجب الإناث . وما ان أتمت حديثها حتى رمى بصنارته نحوها ، فعلقت بها ، وهرول مسرعا إلى قصر السلطان فأخبر الملك بخبرها ، وما سمعه من حديثها ، ففرح بذلك فرحا عظيما وأجزل له الهدايا والعطايا وقربه منه وجعله صياده الخاص ، وأمر بطباخه ان يفعل ما قالته السمكة ..ومر على نسائه فأعطى كل واحدة من مائها إلا زوجته السابعة فهي صغراهن وأكثرهن حظوة عنده فقد أكلت من لحمها . فحبلن من ليلتهن ، ولما جاءهن المخاض أنجبن تباعا ستة طفلات وطفل ، غير ان هذا الأخير ليس كبقية الأطفال، إذ انه ولد ملفوفا بجلدة تغطيه من كل جهة مثل الكرة ، فسماه السلطان السيد الرأس ، لأنهم اعتقدوا انه رأسا لا جسد له . وتوالت السنين والأعوام وتزوجت أخواته، وهو قابع في مقصورته لا رأي له، ولا يدخل عليه غير الخدم لخدمته ، فحز ذلك في نفسه ، فأرسل احد خدمه إلى أبيه قائلا له:"اذهب إلي أبي وقل له لقد زوجت كل أخواتي دون ان تستشيرني ودون ان اعلم حتى بذلك .." <o:p></o:p>

    - فقال له السلطان: ما أنت إلا راس بلا جسد فماذا استشير فيك.<o:p></o:p>

    - فرد السيد الرأس قائلا لخادمه: قل له "  رَاه حْسّْ المَعْيُور هَذَا" <o:p></o:p>

    - نحن من التائبين ولسنا من العاصين <o:p></o:p>

    فرجع الخادم ونقل له ما قاله أبوه فقال له السيد الرأس: عد هذه المرة وقل له إني قد بلغت مبلغ الرجال..<o:p></o:p>

    - فقال أبوه للخادم: اذهب إليه فليختر من يشاء من بنات الرعية أو بنات الملوك ذوي التيجان سأزوجه إياها <o:p></o:p>

    - فرد السيد الرأس:  قل له ما قلت إلا الصواب ولكني سأدبر الأمر بنفسي. <o:p></o:p>

    فنادى واحدا من خدمه وقال له : اذهب إلى شاطئ البحر وضع رجلا في البر ورجلا في البحر ونادي بأعلى صوتك " وا مَنْصُورْ لَعْڮُوبِي" ثلاث مرات ، وحين تراه قل له قال لك السيد الرأس ايت بجوادك وجوادي والحق بي إني انتظرك . ففعل الخادم ما أمره به سيده ، وما ان أتم النداء حتى انشق له البحر عن فارس مغوار، فقال له: ان سيدي يطلبك ويقول لك بان تأتي بفرسه وفرسك . فرد عليه : في الحال قبل ان ترفع رجلك تلك من الماء .وانغمس في البحر تاركا وراءه موجة كبيرة .<o:p></o:p>

    وفي تلك الأثناء فان السيد مزق تلك الجلدة وخرج منها، ثم طواها بعناية فائقة ودسها وسط ملابسه ولبس اعز ما لديه، وتقلد سيفه، فاستوى شابا وسيما ذو حسن وجمال وقد واعتدال، واعتلى صهوة الجواد الذي أتاه به ملك البحر" مَنْصُورْ لَعْڮُوبِي" وانطلقا قاصدين احد ملوك الروم لطلب يد ابنته .<o:p></o:p>

    وكان ذلك الملك يسمى منصور العلج وكانت له ابنة تسمى "شُمِيشة" بارعة الجمال، وحيدة عصرها وفريدة زمانها،كان قد شاع صيتها في الأمصار وذاع، فجعل لها قصرا منيفا وأحاطه بسبعة أسوار من البَيْض وفي بابه أسدان ضرغامان يتطاير الشرر من أعينهما " سْبَعْ يَزْهَر و سْبَعْ يْڮْهَرْ حْتَى لْبَابْ الدَّارْ " وكل من يتقدم لخطبتها من عامة الناس أو أبناء الملوك عليه ان يتخطى تلك الأسوار السبعة دون ان يسقط ولو بيضة، وعليه أيضا ان يقاوم شراسة ذينك الليثين البارزة أنيابهما، فان لم يستطع فان مصيره الموت ويعلق رأسه في باب المدينة عبرة لمن يعتبر.<o:p></o:p>

    ولما وصل السيد الرأس ورفيقه اعلما منصور العلج بقدومهما واخبراه بمرادهما فقال لهما: "إذا ربحتما الرهان فذلك مهرها "، ثم توجه إلى السيد الرأس ، " وْ أَنا عَاطِيها لِيكْ خَادم خْديمَة مَا لِيهَا ثَمَن ولا قيمة"<o:p></o:p>

    وفي الصباح عمد على اجتياز تلك الأسوار السبعة دون ان تسقط بيضة واحدة ، أما السدين فإنهما جاءاه طائعين مرحبين وكأنهما يعرفانه ، فدخل على العلجة فاستقبلته بوجه صبوح كأنه القمر ليلة أربعة عشر، وأقام أبوها أفراحا دامت ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع أردف عروسه وراءه وانطلق ورفيقه يبغي ارض أبيه.<o:p></o:p>

    أما أمه وزوجات أبيه وأخواته فإنهن لما رأينه غادر تلك الجلدة خفن ان عاد ان يرجع لها ويعود إلى ما كان عليه ، فعملن على حرقها والتخلص من أمرها ،  وبينما هو في طريق عودته مع رفيقه وعروسه إذا بنار تنزل عليه وتخطفه من فوق جواده وكأنه لم يكن ، فأوصل صاحبه العروس إلي أبيه واخذ الجوادان واختفى في اليم .<o:p></o:p>

    وفي أحد الأيام كان ذلك الصياد الذي أتى بالسمكة للسلطان..وقلنا ان الملك جعله صياده الخاص ، كان يرمي شباكه في البحر وفجأة سمع سمكة تقول لأختها : ما أثقلك هذه المرة.  فردت عليها الأخرى: إني قد ابتلعت السيد الرأس لما أحرق ذلك الحجاب الذي كان فيه ، وإذا أرادوا ان يخرجوه من بطني فما عليهم إلا ان يأخذوا بعض رماد تلك الجلدة ويضعوه تحت لساني فاني سأتقيؤه .<o:p></o:p>

    فاقترب الصياد بقاربه نحوها و وقعت  في شباكه  وعجل بها إلى السلطان ، فقال له ما سمع ، فغضب السلطان على عياله لحرق ذلك الحجاب والزهد فيه ، وأمرهن بان يبحثن له عن مكان إحراقه ان بقي قليل من رماده أو ذهبت به الريح ، فوجد قليلا من الرماد مازال عالقا بإحدى الأحجار فأخذه ووضعه في فم السمكة فأخرجت لتوها السيد الرأس من بطنها كاملا مكمولا ، ففرح السلطان بنجاة ابنه وأقام الحفلات والأعراس مدة شهر وعاشوا حياة سعيدة إلى ان أتاهم مخلي القصور معمر القبور ، هازم اللذات ومفرق الجماعات . أما أنا فسألقاكم في حكاية جديدة ان شاء الله ،  وخبيرتي مشات مع الواد و أنا بقيت مع أولاد الأجواد.              

    <script type="text/javascript"> var gaJsHost = (("https:" == document.location.protocol) ? "https://ssl." : "http://www."); document.write(unescape("%3Cscript src='" + gaJsHost + "google-analytics.com/ga.js' type='text/javascript'%3E%3C/script%3E")); </script> <script type="text/javascript"> var pageTracker = _gat._getTracker("UA-5964337-1"); pageTracker._initData(); pageTracker._trackPageview(); </script>

  • Commentaires

    Aucun commentaire pour le moment

    Suivre le flux RSS des commentaires


    Ajouter un commentaire

    Nom / Pseudo :

    E-mail (facultatif) :

    Site Web (facultatif) :

    Commentaire :